...
...
محمد عبد الفتاح

ليلة العيد

12/1/2022 1:13:00 AM

الدرج اتسرق،

قالها عمي أبو عزة وهو بيجري يصرخ في الشارع، الناس اتلمت حواليه وحاولوا يهدوه وهما بيقولوله كلام كله تطيب خاطر ومواعظ انسانية ودينية عشان ناره تهدي،

عمي محسن سواق الأتوبيس اللي كان لسه راجع من الوردية ومستحمي ولابس الحتة الزفرة نازل يقعد علي القهوة وقف وجاب الشارع من أوله لآخره بعنيه، وبص في وشوش كل الناس وكأنه بيدور علي حاجة في وشوشهم، أو في جيوبهم،

عمي محسن همس في ودن شريف البقال وقاله تلاقي حد من ولاد أم أيمن هو اللي عملها، الإيد الطويلة دي من عندهم،

أبو عزة كان بيصرخ لأن ده مش إيراد يوم عادي، دا إيراد ليلة وقفة العيد، وزمان كان الحلاق بالنسباله يوم الوقفة ده أهم يوم في السنة، وابو عزة واقف علي رجله من صباحية ربنا وصوابعه وقفت من كتر فتح وقفل المقص، طب هيجيب للعيال فلوس العيديات منين، طب هيروق علي بيته إزاي، دا حتي الحلاقين بياخدوا باقي الأسبوع أجازة،

دي ملخص للجمل اللي كانت بتتردد بين ستات الشارع وهما بيتودودوا وبيرددوا كلام عمي محسن بكل ثقة، ماهو برضو محسن سواق أتوبيس من عشرين سنة وياما بيقابل حرامية وبيعرفهم وهو مغمض عنيه الاتنين،

الكلام المتنتور وصل لعمي أبو عزة اللي اتجنن وجري علي المحل بتاعه جاب عصاية كبيرة وجري علي بيت أم أيمن،

وأم أيمن يا سادة يا كرام هي أرملة عمي عبد الله اللي اتحبس بسبب خناقة قديمة وعور فيها ناس كتير لدرجة أنه عمل لواحد عاهة مستديمة، ولما خرج من السجن جاله مرض واتوفي وساب أيمن أبنه اللي كان في سنة تانية دبلوم صنايع يساعد أمه في الصرف علي البيت، وأيمن اشتغل عند خاله نجار الموبيليا الشاطر اللي ما استخسرش يعلم ابن اخته، وفي ليلة أيمن كان شارب فيها مع أصحابه ومش في وعيهم ووقفوا راجل كبير في الشارع وخدوا منه الفلوس اللي في جيبه وضربوه،

أيمن فضل يحلف أنه ماسرقش معاهم لكن الراجل اتعرف عليه واتعملتله قضية سرقة بالإكراه واتحبس وخرج نجار موبيليا شاطر، لكن ماعرفش أن أهل المنطقة كانوا سموه خلاص أيمن الحرامي، حتي اخواته الصغيرين بقوا اسمهم اخوات أيمن الحرامي،

كل أهل المنطقة كانوا عارفين أن أيمن من يوم ما خرج وهو ماشي علي العجين مابيلخبطهوش، يا نايم في البيت يا في الورشة يا في المراقبة،

بس حظ أيمن أنه حلق الليلادي عند عمي ابو عزة قبل ما يدخل البيت يغير ويجري علي المراقبة قبل المعاد،

وفي القسم أيمن كان محبوب وكلهم عارفين أنه غلبان ويمكن كمان كلامه كان صح وما اشتركش في سرقة الراجل الكبير،

أم أيمن اللي اتهدت من اللي الزمن عملوا فيها فاقت من النوم مرعوبة علي عيالها لما أبو عزة كسرلها شباك شقتهم اللي في الدور الأرضي وهو بيشتم فيها وفي أيمن الحرامي وفي جوزها الله يرحمه،

أم أيمن كانت بتعيط وهي مرعوبة وبتحلف لأبو عزة أنها هترجعله فلوسه الليلادي بس يرحمها ويرحم عيالها، محسن السواق كان عامل نفسه بيهدي أبو عزة وهو بيردد أن إذا كان ابنها حرامي فهي مالهاش ذنب طالما هترجعلك الفلوس اللي ابنها سرقها،

أبو عزة ماهديش غير لما أخوه منصور علي اللي هو من أقرب الناس لأيمن حلفله أنه هو اللي خد الفلوس اللي في الدرج وإداها لمراته وهو بيصلي، قاله أنا لقيت فيه شباب قاعدين وانت مش في الدكان وفتحت الدرج اخد سيجارة فلميت الفلوس واديتها لمراتك يا عم،

أبو عزة ومحسن وباقي الناس اللي في الشارع مشيو من غير ما يعرفوا يقولوا حاجة لأم أيمن،

منصور دخل باس علي راس أم أيمن وقعد يحاول يصلح الشباك،

أبو عزة واقف بيحلق لزبون في المحل ومشغل القرءان بصوت عالي عشان يطرد العفاريت ويجيب الرزق،

ومحسن بيلعب طاولة مع أصحابه علي القهوة وهما بيضحكوا وبيسمعوا مهرجان ليلة العيد،

أيمن في المراقبة مايعرفش أن أمه واخواته بيعيطوا من الخوف علي الرعب علي الكسوف علي الفضيحة وعلي حاجات تانية كتير.